المؤسسة العمومية الإقتصادية و اقتصاد السوق دراسة الشركة الوطنية للبناءات المصنعة باتيسيك.
ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ
ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭ ﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺮ
ﻋﻨﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﺬﻛﺮﺓ:
ﻣﺬﻛﺮﺓ ﻟﻨﻴﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺎﺟﻴﺴﺘﻴﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ
ﺍﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﻄﺎﻟﺐ ﺍﺷﺮﻑ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ
ﺣﺎﺝ ﺻﺪﻭﻕ ﺑﻦ ﺷﺮﻓﻲ ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ
ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ:
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ: ﺑﻮﻛﺎﺑﻮﺱ ﺳﻌﺪﻭﻥ ﺭﺋﻴﺴﺎ
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ : ﻋﻠﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ﻣﻘﺮﺭﺍ
ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ : ﺷﺒﺎﻳﻜﻲ ﺳﻌﺪﺍﻥ ﻋﻀﻮﺍ
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ: ﻋﻠﻲ ﺧﻠﻔﻲ ﻋﻀﻮﺍ
ﻤﻘﺩﻤﺔ:
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻟﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻴﻼﺤﻅ ﺃﻨﻪ ﻤﺭ ﺒﻤﺭﺍﺤل ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻤﻨﺫ ﺍﻹﺴـﺘﻘﻼل
ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻜل ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺘﺘﻤﻴﺯ ﺒﺨﺼﺎﺌﺹ ﻤﻌﻴﻨﺔ، ﻭﻅﺭﻭﻑ ﺨﺎﺼﺔ، ﻭﻤﺸﺎﻜل ﻭﻋﻘﺒﺎﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ. ﺫﻟـﻙ
ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻘﺒﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﺨﻠﻘﺕ ﻋﺭﺍﻗﻴل ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻭﺃﻭﻀﺎﻉ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﻨﻬﺎﺭﺓ.
ﺇﻥ ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻤﺭ ﺒﻪ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻱ ﻭﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻭﻋﺒﺭ ﻓﺘﺭﺍﺕ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ
ﻫﻭ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
ﻓﻤﻨﺫ ﺍﻹﺴﺘﻘﻼل ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺘﺼﺏ ﻓﻲ ﻤﺠﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠـﻰ ﺠﻌـل ﺍ ﻟﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﺭﻭﺜﺔ ﻤﻊ ﻗﻠﺘﻬﺎ ﺘﺴﻴﺭ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﺩﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ، ﻭﺨﻠﻕ ﺠﻬـﺎﺯ ﺇﺩﺍﺭﻱ ﺍﻗﺘﺼـﺎﺩﻱ
ﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺎﺕ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ. ﻟﻜﻥ ﻤﻊ ﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺘـﺩﻫﻭﺭﺕ ﺍﻟﻭﻀـﻌﻴﺔ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻟﻠﺒﻼﺩ ﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺒﺼﻔﺔ ﺨﺎﺼﺔ. ﺇﺫ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻌـﺎﻨﻲ
ﻤﻥ ﻤﺸﺎﻜل ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁ. ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﺘﺸﻜﻭ ﻤﻥ ﻤﺘﺎﻋﺏ ﻋﺩﻴﺩﺓ، ﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﺭﺠﻊ ﺇﻟﻰ ﺨﺼﺎﺌﺼﻬﺎ ﻭﻤﻨﻬﺎ ﻤﺎ ﻴﻌﻭﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻴﻁ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺃﺜﺭﺕ ﺴﻠﺒﺎ ﻭﻟﺴﻨﻭﺍﺕ
ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﺭﺩﻭ ﺩﻴﺘﻬﺎ ﻭﻜﻔﺎﺀﺘﻬﺎ.ﺇﺫ ﻭﺠﺩﺕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺘﺘﺴﺎﺀل ﻋﻥ ﻤﺼﻴﺭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻫﺎ ﻭ ﻤﺴـﺘﻘﺒل
ﻤﺅﺴﺴﺘﻬﺎ ، ﻷﻥ ﺍﻷﺯﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺭ ﺒﻬﺎ ﺃﺯﻤﺔ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻤﺠﻤﻠﻪ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ ﺍﻟﻀﻴﻘﺔ ﻟﻠﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭﻴﺔ، ﻭﺍﻷﻫـﺩﺍﻑ
ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﻠﺒﺕ ﻤﻨﻬﺎ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺃﺜﺭﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﺇﺫ ﺘﺨﻠﺕ ﺒـﺫﻟﻙ ﻋـﻥ ﺃﻫـ ﺩﺍﻓﻬﺎ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ.
ﻭﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ –ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ- ﻨﻭﺍﺓ ﻜل ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﻤﺤﺭﻙ ﻜل ﻨﻬﻀﺔ ﺍﻗﺘﺼـﺎﺩﻴﺔ،
ﻓﻘﺩ ﺃﺨﺫﺕ ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﺎﺌﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ، ﻟـﺫﻟﻙ ﻓﻘـﺩ ﻜـﺎﻥ
ﺍﻹﺼﻼﺡ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺤﺘﻤﻴﺔ ﻓﺭﻀﺘﻬﺎ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ. ﻭﺇﺴـﺘﺠﺎﺒﺔ
ﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺸﻜﻭ ﻤﻥ ﻀﻌﻑ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺭ ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻡ ﻭﻜﺫﺍ ﺠﻬﺎﺯ ﺇﻨﺘﺎﺠﻲ ﻋـﺎﺠﺯ
ﻋﻥ ﺘﻠﺒﻴﺔ ﺤﺎﺠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻭﺫﻱ ﺘﻜﺎﻟﻴﻑ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺠﺩﺍ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﻤﺭﺤﻠﺔ ﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﻤﻥ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺘﻐﻴﺭﺕ ﺍﻟﻨﻅـﺭﺓ
ﻭﺃﺼﺒﺢ ﻋﺘﻘﺩ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻨﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﻓﻲ ﻤﻴﺯﺍﻨﻴﺔ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻴﺠﺏ ﺇﻴﺠﺎﺩ ﺴﺒل ﺃﺨﺭﻯ ﻏﻴﺭ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ. ﻭﺒـﺫﻟﻙ ﻓﻘـﺩ
ﺘﻐﻴﺭﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻤﻥ ﻨﻭﺍﺓ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﺴﺒﺏ ﺘﺩﻨﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺘﺩﻫﻭﺭﻩ. ﻭ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻓﻲ
ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻤﻥ ﻜﺎﻨﻭﺍ ﻴﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻤﺤـل
ﺍﺘﻬﺎﻡ ﻭﺴﺒﺏ ﺍﻷﺯﻤﺔ. ﻓﻬل ﻫﺫﺍ ﻴﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺃﻀﺤﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺅﻫﻠﺔ ﻟﻠﻌﺏ ﺍﻟـﺩﻭﺭ
ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﻤﻨﻬﺎ؟
ﺇﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﻭﺍﻟﺭﺅﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ
ﺴﺎﺭﻋﺕ ﻹﺩﺨﺎل ﺇﺼﻼﺤﺎﺕ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻋﺒﺭ ﻤﺭﺍﺤل ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ. ﻹﺨﺭﺍﺠﻬﺎ ﻤﻥ ﻭﻀﻌﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘـﺩﻫﻭﺭﺓ
ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺘﻬﻴﺌﺘﻬﺎ ﻟﻠﺩﺨﻭل ﻓﻲ ﻨﻤﻁ ﺠﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺭ ﻟﻡ ﺘﻌﻬﺩﻩ ﻤﻥ ﺫﻱ ﻗﺒل.
ﺇﻥ ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻼﺤﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺨﻠﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺇﻨﻁﻼﻗﺎ ﻤﻥ ﺇﻋـﺎﺩﺓ
ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﺔ ﻭﺇﺴﺘﻘﻼﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻭﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺼﻨﺎﺩﻴﻕ ﺍﻟﻤﺴـﺎﻫﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸـﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺒﻀـﺔ . ﻜﺎﻨـﺕ
ﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺠﺎﺩﺓ ﻹﺨﺭﺍﺠﻬﺎ ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ﻭﻭﻀﻌﻴﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺯﺭﻴﺔ. ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻪ ﻭﻓﻲ ﻜـل ﻤـ ﺭﺓ
ﺘﺯﺩﺍﺩ ﺤﺎﻟﺘﻬﺎ ﺴﻭﺀﺍ ﺒﺴﺒﺏ ﺴﻭﺀ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ. ﺇﺫ ﻴﺭﻯ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻹﺨﺘﺼﺎﺼﻴﻴﻥ
ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻴﺏ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺒﺤﺩ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﺒﻘﺩﺭ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ.
ﻓﻔﻲ ﺨﻀﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﻬﺎﺌل ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻜﺭﺭﺓ، ﻭﺘﻠﻙ ﺍﻹﺼـﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒـﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﺤﻘﻕ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺭﺠﻰ ﻤﻨﻬﺎ، ﺘﻌﺩﺩﺕ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻭﺍﻹﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺤﻭل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴـﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴـﺔ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺤﻭل ﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻭﺤﻭل ﻤﺒﺭﺭﺍﺕ ﺒﻘﺎﺌﻬﺎ. ﻓﺎﻷﺴﺌﻠﺔ ﺍﻟﻤﻁﺭﻭﺤـﺔ ﻓـﻲ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﺸـﺄﻥ
ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻜﺜﻴﺭﺓ.
ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﻌﻅﻤﻬﺎ ﺘﺘﻭﺠﻪ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻭ ﻓﻲ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴـﺔ
ﻓﺈﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻤﺎﺯﻟﺕ ﻗﺎﺌﻤﺔ.
ﻓﺄﻭﻟﻰ ﺍﻟﺘﻭﺠﻬﺎﺕ ﺘﻌﺘﻘﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻤﻥ ﺨﻼل ﻨﻅﺎﻤﻬﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ
ﻭ ﺸﻜﻠﻬﺎ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﻴﻥ، ﺴﺘﻅل ﻓﻌﻼ ﺍﻷﺩﺍﺓ ﺍﻟﻤﻔﻀﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻓﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴـﻕ ﻨﺼـﻴﺒﻬﺎ
ﺍﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭ ﻫﺫﺍ ﺒﺈﻋﺎﺩﺓ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻲ ﺍﻟﻰ ﺍﺒﻌﺩ ﻨﻘﻁـﺔ ﻗﺼـﺩ ﺘﺤﻘﻴـﻕ
ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒﺔ، ﻭ ﺒﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍﺨﺭﻯ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴـﺎﻋﺩﻫﺎ
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ.
ﻭ ﺇﺫﺍ ﺍﻟﺯﻤﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﺯﻤﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻋﻤﻴﻘـﺔ ﻭ ﻻ ﻴﻤﻜـﻥ ﻟﻠﺩﻭﻟـﺔ ﺃﻥ
ﺘﺴﺘﻤﺭ ﻓﻲ ﻤﺴﺢ ﺩﻴﻭﻨﻬﺎ ﻭ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺘﻬﺎ ﻭ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻌﻁﻲ ﻟﻠﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻤﻥ ﺍﺠل
ﺃﺥ ﻤﻜﺎﻨﺘﻪ ﻓﻲ ﺘﺴﻴﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ. ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﺃﻓﻀل ﻁﺭﻴﻘﺔ ﻟﺫﻟﻙ ؟
ﻭ ﺇﺫﺍ ﺍﻓﺘﺭﻀﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻭﺼﺼﺔ ﺤل ﺤﺘﻤﻲ ﻓﻬل ﻴﺠﺏ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺍﻟﻰ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭ ﺍﻟﻰ
ﺨﻭﺼﺼﺔ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﻭ ﺩﻭﻥ ﺘﺄﺨﻴﺭ؟ ﺃﻡ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜـﺱ
ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﻭﻗﺕ ﺃﻁﻭل ﻟﻨﻀﺞ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻜﻤﺎ ﺃﺜﺒﺘﺘﻪ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ؟ ﺃﻤﺎ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅل ﺍﻻﺨﺭ ﻓﻬﻭ ﻫل ﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻭ ﺍﻻﻨﺼﻬﺎﺭ ﻜﻠﻲ ﺃﻡ ﺠﺯﺌﻲ؟ ﻭ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺁﺨـﺭ
ﻫل ﻜل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻗﺎﺒﻠﺔ ﻟﻼﻨﺤﻼل ﻭ ﺍﻻﻨﺼﻬﺎﺭ؟ ﺃﻡ ﻫﻨﺎﻙ ﺤل ﻭﺴـﻁ ؟ ﻭ ﻋﻠﻴـﻪ
ﻴﻤﻜﻥ ﻁﺭﺡ ﺴﺅﺍل ﻤﻬﻡ ﺁﺨﺭ ﻫﻭ ﻫل ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﻭ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻨـﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒـﺭﻯ
ﻴﻤﺭ ﺤﺘﻤﺎ ﺒﺎﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ؟
ﻭ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺘﺒﻘﻰ ﻜل ﻓﺭﻀﻴﺎﺕ ﻭ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻁﺭﻭﺤﺔ ﻭ ﻟﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺭﺭﺍﺕ ﻤﺎ ﻴﺴـﺎﻨﺩﻫﺎ ﻭ
ﻴﺩﻋﻤﻬﺎ. ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﺍﻻﻤﺭ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴـﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜـﻥ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﺤﺩ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻓﺤﺴﺏ ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺔ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﻴﺵ ﻭ ﺘﻨﻤﻭ ﻓﻴـﻪ ﻫـﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻤﺎ ﻟﻪ ﻤﻥ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﻋﻠﻴﻪ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺔ ﺘﻜﻤﻥ ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﺼﻌﺏ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻭ ﻏﻴﺭ ﺜﺎﺒﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ. ﻭ ﺃﻥ
ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﻪ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﺤﻭل ﺒﻪ ﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻤﻭﺭ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻴﻥ ﺃﻱ ﻓﺘﺭﺓ ﻭ
ﺃﺨﺭﻯ.
ﺇﻥ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﺃﻭ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻻﻨﺼﻬﺎﺭ ﻭ ﺍﻻﻨﺤﻼل ﻭ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﺩﻴﻠﺔ ﺇﻨﻤـﺎ ﻫـﻲ
ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺠﺎﺩﺓ ﺘﺼﺏ ﻓﻲ ﻤﺠﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻨﻘﻁﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻫﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﻨﻤﻭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺸﺎﻤل.
ﻓﺄﻱ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺃﺤﺴﻥ ﻭ ﺃﻱ ﺍﻟﺘﻭﺠﻬﺎﺕ ﺃﻓﻀل ؟ﻭ ﺃﻱ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﻟﻠﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ؟
ﻭ ﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻭ ﻟﻺﺠﺎﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺴﺌﻠﺔ ﻗﺴﻤﻨﺎ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﺇﻟـﻰ ﻓﺼـﻭل
ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺤﻴﺙ ﺴﻨﻁﺭﻕ ﻓﻲ ﻓﺼﻠﻪ ﺍﻷﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻭ ﻤﺭﺍﺤل ﺘﻁﻭﺭﻫﺎ. ﺜـﻡ ﻓـﻲ
ﻓﺼل ﺁﺨﺭ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺜﺭ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁ ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل
ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺴﻨﻁﺭﻕ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻭﻤﺠﻤل ﺍﻟﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ.
ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻻﺨﻴﺭ ﺴﻨﺭﻯ ﻓﻴﻪ ﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻁﻬﻴﺭ ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻭ ﻜـﺫﺍ
ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺘﻅﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕ.
ﻭ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺘﻤﺔ ﺘﻘﻴﻴﻡ ﻟﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺸﺭﺤﻪ، ﻭ ﺘﻘﺩﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻘﺘﺭﺍﺤﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﻭ ﺍﻟﻌﻘﻼﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺨﺽ
ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺯﺍﺌﺭ.